المصطلحات

البطة العرجاء: مصطلحٌ تاريخي يكشف أفول السُلطة

هل سمعت يومًا عن رئيسٍ يملك الصلاحيات لكنه فقد السيطرة؟ أو عن قائدٍ يُمسك بمقاليد الحكم بينما الجميع ينتظرون رحيله؟ هذه هي **”البطة العرجاء”**، الاستعارة الساخرة التي اخترقت عالم السياسة لتصف لحظةً حرجة: **سلطة مؤقتة** بلا شرعية، تشبه طائرًا مصابًا يحاول الطيران رغم جراحه. 

منذ القرن الثامن عشر، خرج المصطلح من قاعات البورصة اللندنية، حيث وُصف التجار المفلسون بـ”البطة العرجاء”، ليصبح أداةً لانتقاد الزعماء السياسيين العاجزين عن تحقيق إرادتهم. لكن المفارقة الأكبر أن هذه **السلطة المؤقتة** –رغم ضعفها– قد تُطلق قراراتٍ مصيرية كـ”رصاصة الرحمة الأخيرة”، كما حدث مع رؤساء أمريكيين مثل **هيربرت هوفر** و**دونالد ترامب**، أو حتى في تجارب عربية وأوروبية. 

في هذا المقال، سنكشف كيف تحوّلت **البطة العرجاء** من مجرد نكتة مالية إلى مفهوم سياسي عالمي، ناقشه الدستور الأمريكي في **التعديل العشرين**، وخلّده الإعلام عبر قرون، وصنع منه دروسًا عن زوال النفوذ وقوة الشعوب. هل أنت مستعد لرحلة داخل عقل “البطة” التي تُمسك بالسلطة رغم معرفتها بأن ساعتها دقّت؟


من نكتة في مقهى إلى كابوس سياسي: رحلة البطة العرجاء عبر الزمن!

تخيل نفسك في مقهى شعبي بلندن عام 1750، تسمع مجموعة تجار يقهقهون: “هذا الرجل أصبح كالبطة العرجاء!”، تشم رائحة السخرية في الهواء، لكنك لا تعلم أن هذه العبارة ستصبح سلاحاً سياسياً يهز عروش الرؤساء بعد قرنين! نعم، المصطلح وُلد كـ”نكتة مالية” بين تجار البورصة الذين كانوا يسخرون من زملائهم المفلسين، لكن السؤال المحير: كيف تحولت سخرية البورصة إلى كابوس في البيت الأبيض؟ الإجابة تكمن في رحلة استعارةٍ عبرت المحيط الأطلنطي، وحملت معها مفارقات السياسة وغرائب البشر!


السر التاريخي: الكاتب الذي حوَّل الإهانة إلى فن! 

في عام 1761، قرر الكاتب المسرحي الإنجليزي صموئيل فوت أن يلعب دور “محتال الكلمات”، فأدخل عبارة “البطة العرجاء” في حوار كوميدي. النتيجة؟ تحولت العبارة إلى “ڤايرال” القرن الثامن عشر! لكن المفارقة أن أمريكا –التي ورثت المصطلح من بريطانيا– حوّلته إلى “سكين حاد” في يد الصحافة. خلال الحرب الأهلية الأمريكية، استخدم الصحفيون المصطلح لطعن الرئيس أندرو جونسون، الذي تولى الحكم بعد اغتيال لينكولن عام 1865، لكن الكونغرس حاصره كما يُحاصر الصياد بطةً في مستنقع!


 اللعبة الدستورية: لماذا يخاف الرؤساء من شهر يناير؟ 

هل تعلم أن الرئيس الأمريكي كان ينتظر 4 أشهر كاملة قبل تسليم السلطة؟ نعم، قبل التعديل العشرين للدستور (1933)، كان الرئيس المهزوم يجلس كـ”شبح” في البيت الأبيض من نوفمبر إلى مارس! في تلك الفترة، كان بعض الرؤساء يتحولون إلى “مخربين سياسيين”، مثل هيربرت هوفر الذي وقع قرارات اقتصادية مريبة قبل أيام من مغادرته عام 1933، وكأنه يقول: “إذا سقطتُ، سأحرق الجسر خلفي!”، لكن مع تقليص الفترة إلى 20 يناير، أصبحت “البطة العرجاء” أسرع، لكنها ما زالت قادرة على نقر خصومها!


 عصر التحديث: عندما تتحول البطة إلى “وحش”! 

– جورج بوش الأب (1992): خسر الانتخابات أمام كلينتون، لكنه في أيامه الأخيرة أطلق عملية عسكرية في العراق، وكأنه يصرخ: “الرئاسة لا تنتهي حتى أغادر المكتب!”، لدرجة أن البعض أطلق على الفترة اسم “أيام البطة المسعورة”! 

– دونالد ترامب (2020): رفض الهزيمة، وعين قضاة محافظين في آخر لحظة، وأصدر عفواً عن مقربين، بل وحرك ملفات دولية كـ”لعبة شطرنج نهائية”، مما جعل البعض يسخر: “هذه ليست بطة عرجاء.. بل نعامة ترفس قبل السقوط!” 


 عالمياً: البطة تكتسح أوروبا.. والعالم العربي ليس استثناء! 

– بريطانيا: بعد خسارة تيريزا ماي الأغلبية البرلمانية عام 2017، تحولت إلى “بطة بريكست”، كل قراراتها تُناقَش وكأنها تُقدم “وصفة طبخ فاشلة”! 

– فرنسا: الرئيس فرانسوا أولاند وصلت شعبيته إلى 4% عام 2017، فوصفته الصحف بأنه “بطة بلا ريش”! 

– العالم العربي: هناك أمثلة غير مباشرة.. رئيس يُعاد انتخابه بنسبة 99%، لكن الجميع يعلم أنه “بطة” تُحركها الأجهزة الأمنية، كدمية في مسرحية هزلية! 


 السيكولوجيا السياسية: لماذا يتحول القوي إلى “بطة عرجاء”؟ 

السر يكمن في الغرور البشري وخوف الزوال. تخيل أنك رئيس دولة، تملك صلاحيات مطلقة، لكنك تعلم أنك ستغادر خلال أسابيع.. هنا تبدأ “العقلية الانتحارية”: قرارات انتقامية، تعيينات مريبة، أو حتى حروب لترك بصمة. هذه الفترة أشبه بـ”الاحتفال الأخير” قبل دخول التاريخ كـ”هامش في كتاب”!


 لماذا يعشق الإعلام “البطة العرجاء”؟ 

الإجابة في ثلاث كلمات: الدراما، المفارقة، السخرية. الشعب يعشق مشاهدة “السقوط الأخير” للقادة، كفيلم أكشن نعرف نهايته مسبقاً. أما المعارضون، فيستخدمون المصطلح كـ”مطرقة” لهدم شرعية الخصم. حتى أن بعض المحللين يقولون: “البطة العرجاء هي أفضل مرحلة لكتابة المقالات الساخرة!”


 الختام: هل نضحك أم نبكي على “البطة العرجاء”؟ 

الحقيقة أن المصطلح قاسٍ لكنه عادل.. إنه تذكير بأن السلطة مهما بلغت قوتها، فهي مؤقتة. ربما لهذا يقول المثل الصيني القديم: “البطة العرجاء تسبح بجنون، لأنها تعرف أن النهر قريب من المنحدر”. فهل نتعلم من التاريخ، أم نكرر نفس الكوميديا المأساوية؟ 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى